مواقيت الصلاة
الفجر : 04:56
الشروق : 06:14
الظهر : 11:21
العصر : 14:09
المغرب : 16:48
العشاء : 17:41
منتصف الليل : 22:38
الإمساك : 04:48
X
X
الاعلان

آثار العبودية وبركاتها

آثار العبودية وبركاتها

آثار العبودية وبركاتها

1- الإحساس بالعزّة والفخر: ورد في المناجاة عن الإمام زين العابدين عليه السلام: "إلهي كفى بي عزًّا أن أكون لك عبدًا"، فأيّ عز وأيّ افتخارٍ أكبر وأسمى من أن يتحدّث الإنسان إلى خالقه ومعبوده، ويسمع المولى تعالى كلام عبده ويتقبّله في هذه الدنيا الوضيعة يشعر الإنسان بالعزّ والفخر إذا تحدّث إلى شخص عظيم أو عالم كبير، ويفاخر إذا تتلمذ على أحد الأساتذة أو العلماء الأفاضل، فكيف بمن يتحدّث إلى ربّ العباد ويُخاطبه!.

2- الشعور بالقوّة: إذا أمسك الطفل يد والدٍ حنون وقويّ، فإنّه يشعر بالقوّة والاطمئنان، أما إذا تُرك وحيدًا، فإنّ الخوف يسيطر عليه، ويخشى من أن يؤذيه الآخرون، هكذا حال الإنسان إذا اتّصل بالخالق سبحانه، فإنّه يشعر بالقدرة والقوّة في مواجهة الطواغيت والمستكبرين والفراعنة.

3- الإحساس بالعزّة: العزّة بمعنى عدم نفوذ الضعف واليأس، فالعزّة في مدرسة الأنبياء هي من عند الله تعالى، كما أنّ القدرة من لدنه سبحانه، لذلك، يُصرّح القرآن منتقدًا أولئك الذين يبغون العزّة من عند غير الله ويطلبونها من سواه سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعً. من الطبيعي أن يمنح الارتباط بالله - العزيز والمقتدر المطلق - الإنسان العزّة والقدرة، كما شاهدنا أنّ كلمات مثل "الله أكبر" تجعل من الطواغيت أشخاصًا حقيرين عند المستضعفين، وتجعل المستضعفين أعزّاء في مقابلهم. من جهة ثانية، فإنّ القرآن الكريم يأمرنا أن نستمدّ القوّة والقدرة عند المحن والصعاب من الصلاة، إذ يقول: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ.وهذا ديدن أولياء الله تعالى عبر التاريخ، حيث كانوا يستمدّون القوّة في المواقع الحسّاسة والحرجة من إقامة الصلاة في كربلاء، في عصر اليوم التاسع من محرّم، حمل جيش يزيد على مخيم الإمام الحسين عليه السلام، فقال الإمام لأخيه أبي الفضل العباس: "فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى الغدوة، وتدفعهم عند العشية، لعلّنا نُصلّي لربّنا الليلة، وندعوه ونستغفر له، فهو يعلم أنّي قد كنت أُحبّ الصلاة له، وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار".

إذًا دفع حبّ الصلاة والخلوة مع الله أبا الأحرار إلى طلب المهلة ولو لليلة، لتكون آخر ليلة من حياته ليلة عبادة وتهجّد.عبادُ الله الصالحون لا يُحبُّون الصلاة الواجبة وحدها، بل لا يكتفون بها ويحرصون على أداء الصلاة المستحبّة أيضاً، لأنّ الصلاة المستحبّة والنوافل دليل على عشق المؤمن للصلاة، ولعلّ الإنسان يقيم الصلاة الواجبة خوفًا من قهر الله تعالى وغضبه، وامتثالاً لأوامره، لكنّ الصلاة المستحبّة ليس فيها شبهة الخوف ولا شائبته. الحبّ هو الدافع الوحيد إليها، ألا يحبّ الإنسان العاشق أن يتكلّم مع معشوقه، وهل يكتفي هذا العاشق بإلقاء التحيّة المتعارفة الواجبة أم يتجاوزها ويستغلّ كلّ فرصة للأنس بمحبوبه؟ ألا يشعر من استبدّ به الحبّ بأنّ قلبه صار محلّ إقامة دائمٍ لمن يُحبّ، فإذا انشغل بشيء آخر عاد به الشوق إلى مركز الحبّ والعشق؟ فكيف يصحّ للإنسان أن يدّعي حبّ الله تعالى وهو يكتفي بالحدّ الأدنى من الخلوة والحدّ الأدنى من الحديث معه؟

إنّ قلّة الهمّة على أداء النوافل والاكتفاء بالصلاة الواجبة أو استثقالها أحيانًا، أعراض لمرضٍ يُمكن أن نسمّيه عدم صدق الحبّ، وهذا أيضًا له أسبابه، فالانشغال بالمعاصي يسلب الإنسان نعمة تذوّق لذّة المناجاة مع الله، وقد ورد في الأخبار أنّ بعض المعاصي تحرم الإنسان من صلاة الليل ونوافل الأسحار. ومن لا يُقبِل على الله لا يحقّ له أن يتوقّع إقبال الله عليه، ومن ينتظر المصلح عليه أن يكون من أهل الصلاح.

يُضاف إلى ما تقدّم، أنّ صلاة النوافل تجبر النقص الذي ربّما يُصيب الصلاة الواجبة، كما ورد على لسان أحد الأئمّة المعصومين إذ اشتكى إليه أحد أصحابه عدم حضور قلبه أثناء الصلاة، فدعاه الإمام إلى أداء بعض النوافل علّها تجبر نقص صلاته التي يُصلّيها دون حضور قلبٍ. لذلك نرى أنّ أولياء الله لم يهتمّوا فقط بالصلاة الواجبة، بل توجّهوا باهتمام أيضًا إلى النوافل والصلاة المستحبّة، وجهدوا في تجنّب كلّ ما يُشكّل مانعًا في سيرهم المعنويّ وعروجهم الروحيّ، ككثرة الطعام، وكثرة الكلام، وكثرة النوم، واللقمة الحرام، واللهو واللعب، والتلهّي بالدنيا، وكلّ ما يثبط الهمّة ويُضعف العزيمة في العبادة، ويجعل الصلاة ثقيلة على الإنسان، لذلك كلّه يصف الله عزّ وجلّ في القرآن الصلاة بقوله: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ.

| 9830 قراءة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد